الاثنين، 27 أبريل 2009

الميــراث


ظننتُ كسائر الظانّــين أن يوما ما سيأتي وننظر لما مضى ونضحك عليه .. ونعود لنعيش حياتنا ، تملؤنا البهجة والأفراح .. وأردد مع ذاتي قول جدتي:
((يمته يعود العود لينه .. ونضحك على اللي تشمتو بينه)) ..

حين القي القبض على طاغي العصر وهو متكومٌ في جحرٍ قادته إليه خطواته الحمقاء .. فكّــرت مع نفس: (هكذا تكون نهاية الظلم ، وهكذا ينتقم الخالق من الباغي وتُـردّ الكرامة إلى أهلها .. ونستعيد كبرياءنا الجريحة لابسين رداء السرور) ...

لكن .. ما كان يدور بخلدي يوماً أن بمقدور الظالم أن يورّث ظلمه لأولاده من بغايا ذاك الزمان ..
اليوم .. وبعد عامين على تحطيم عروش الطغاة ، لا يزال في كل ركن طاغٍ صغير يظن أن بإمكانه أن يكبر ليستعيد ذلك المجد الزائف ويستقر بعرشٍ واهٍ على قلعة الجماجم العتيدة ..
أدرك تماماً كيف تتناقل الصفات الوراثية من جيلٍ إلى جيل عبر الجينات وشريط الوراثة الــ(DNA) ، لكن ما لم أكن أدركه ولا يمر ببالي هو أن بإمكان صفات أخرى –غير وراثية- مثل (الظلم والطغيان والجبروت والفرعنة) أن تتناقل ليس عبر الجينات بل عبر ذرات الهواء .. وتستقرّ في نفوسٍ يشمئز منها خالقها .. نفوس ارتضت أن تكون مطيَّة تركبها شياطين الجحيم وتمارس طغيانها على أقرب الناس إليها .. ومن ينتمون لها بالدم والرحم وصلاتٍ أمر الله أن توصل .. ولا أفهم كيف تصل من يقتلك بدمٍ بارد ودون إطلاق رصاصة واحدة .. لو كان القتل يتم بأسلحة لكانت مواجهته أسهل .. لكن القتل صبراً وتحطيم ذاتك الجميلة من الأعماق واقتلاع روحك الطيبة من جذورها ، فهو ما يحتاج لاحتماله صبر الأنبياء وعصمة الأولياء كي تعبر بوابة القدر المحتوم إلى غدٍ أكثر إشراقاً وشمسٍ أكثر سطوعاً وهواء أكثر نقاءً ..
عذراً .. فالقضية أكبر مما تحتمل سطور هذه الورقة .. لكن ما عاد بمستطاع قلبي احتمال المزيد .. فبيني وبين الذبح .... نصل سكين ...

رواء البيـاتــي 12/8/2005

الثلاثاء، 14 أبريل 2009

مطر .. مطر ..


من نافذتي التي تطل بي على ضياعِ كبير ..

المح موسيقى المطر ..

مطر ..

سيلٌ جارف ..

كأنما يسيل بتلك السرعة المهووسة لكي يغسل أرض بلادي من دم أبنائها الطاهر .. ....

العصافير تختبئ ..

تبحث عن مأوى لها في عتمة سماء بغداد ..

ترقب بعيون يشوبها القلق ..

صوت الرعد المنفلق في السموات ..

يثير الغربة ..

غربةٌ تحت سماء الوطن ..

أو يوجد أقسى منها غربة .. ...

مطر .. مطر .. مطر ..

هل المطر كئيب ..؟!!

هل يعبر عن حالة السماء وما يجول بخاطرها ..؟؟

ترى .. هل تبكي السماء اليوم .. لرحيل حبيبٍ جديد .. ؟!!

المطر ينهمر بحزن ..

ينهمر بقسوة .. بل بوجع .. .....

أراك في أفقي المألوم ..

شمساً خلف سحابات العمر الموحش ..

ماوىً لفرحي القادم ..

بعد ضياع الوقت ..

ألمحك ..

بالرؤى المضيئة ..

بالسحر الأقسى ..

وألمح بيمينك ..

عود الريحان ..

أتنفس منك رائحة ما لا يأتي ..

وأنتظر معك عودة من لا يجيئ ..

رواء

الأحد، 12 أبريل 2009

احدى ليالي العام الجديد


ها قد مضى العام

365 يوما قد انتهت .. وبدأ عام جديد ..

غريب أن اكتب هذه الليلة خصوصا بعد أن فقد الزمن معناه عندي ..

لم يعد هناك أهمية لأي شيء في الحياة .. سوى موعد إسدال الستار ..

لقد توقفت عن توثيق يومياتي .. تلك الممارسة التي لم أفكر يوما أني سأتركها أو أكف عنها ..

ذاكرتي كذلك أصابها عطب غريب ..

فقدت قدرتي على التركيز والانتباه للتفاصيل الدقيقة ..

أشياء كانت لها الأهمية الكبيرة في حياتي ..

وصلت لمرحلة (لا اعرف ما أسميها) ..

لقد اكتفيت من الآلام التي منحها لي (الآخرون – العابرون) ..

اكتفيت للحدّ الذي صرت فيه أقرر بثوانٍ أن أضع نهاية لما كنت اعتقد أن لا نهاية له ..

علاقاتي التي امتدت سنوات بين مدٍ وجزر ..

محاولاتي العديدة لبثّ الحياة في قلوبٍ وعقولٍ وأرواحٍ ميتة ..

وصل الطوفان إلى أقصاه ..

لم يعد بإمكاني احتمال المزيد .. لذا .. كان آخر الدواء .. الكي ..

آخر ما حدث .. أطلقت رصاصة الرحمة على علاقات عديدة ..

علاقات كنت احسبها مميزة ..

أشخاص احتلوا بداخلي مكانة رائعة .. وتركوا لي من ذكرياتٍ ما لا يطاق ..

اخترت النهاية بيدي.. حسمت الأمر معهم أو مع نفسي ..

اغتلت آخر سفير للنوايا الحسنة بداخلي إليهم ..

لم أعد أقف على أطلالهم وأندب ..

لم أعد أنشد:

يا حادي العيس عجّل كي نودعهم ..

يا حادي العيس في ترحالك الأجل ..

لم تعد عيني ترقب إطلالتهم ..

ولا يتلفت القلب لمنحنى مسارهم ..

لقد اكتفيت من أوجاعهم ..

الآن ..

لا أقدم لهم زهوري ليعودوا ..

بل أضعها على قبور رحيلهم عني ..

رنــــــا ..... هبـــــــه......... بـــــــــان ..

كان لكم كل الود

رواء